قصة سيدنا آدم عليه السلام كاملة من القرآن والسبب الحقيقي لخروجه من الجنة
قصة سيدنا آدم عليه السلام مليئة بالأحداث العظيمة التي وردت في القرآن الكريم، وذلك منذ أن انصرفت مشيئة الله تبارك وتعالى، لكي يخلق آدم عليه السلام، وقد كانت هناك اختلافات كثيرة بين العلماء في المعنى لكلمة خلافة آدم.
فمنهم مَن قام أنه كان خليفة لجنس سبق على الأرض، وكان هذا الجنس يسفك الدماء ويُفسد في الأرض، ولكن المؤكد أنّ سيدنا آدم عليه السلام هو خليفة الله تبارك وتعالى في الأرض.
ومعنى خليفة الله أي أنه؛ يقوم باتباع أوامره ويمضي بحكمة الله سبحانه وتعالى في الأرض، حيث أنه أول رسول بُعِثَ إلى الأرض، وهذا الاعتقاد السائد.
وقد سأل الصحابي الجليل أبو ذر؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سيدنا آدم، فقال: أنبيًا كان أم مُرسل؟ قال: نعم، قيل: لمَن كان رسولًا ولم يكُن في الأرض أحد، قال: كان رسولًا إلى أبنائه.
و قصة سيدنا آدم عليه السلام أبو البشر مليئة بالتفاصيل العظيمة، دعونا نرفع الستار عنها ونعيش في جو من الروحانيات الجميلة مع هذا الموضوع الهام.
محتويات الموضوع
قصة سيدنا آدم من القرآن
يُرفع الستار على مشهد بين الله جلّ وعلى والملائكة، وهذا كما جاء بسورة البقرة: «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)»
وفي الحقيقة وقف المُفسرين حائرين أمام هذه الآيات الكريمة، فمنهم من رأى أنها آيات تندرج تحت المتشابهات من الآيات، والتي ليس من الممكن تفسيرها كما تبدو.
لأنها إذا تم تفسيرها على هذا النحو سوف يفهم القارئ أن الله تبارك وتعالى يستشير الملائكة وهذا حاشى لله أن يحدث، وأنهم قد جادلوا ربّ العزة وهذا أيضًا من المستحيل أن يحدث، فهذا لا يليق بجلال الله ولا لطاعة الملائكة له سبحانه وتعالى.
وجاء التفسير الجامع ليؤكد أن الله تبارك وتعالى كان قد قام بإخبار الملائكة أنه سوف يجعل في الأرض خلقًا يفسدون ويسفكون الدماء، ولكن جاء تفسير ظلال القرآن ليوضح أن؛ الملائكة لما يتمتعون به من فطرة برئية لا يتصورون إلا النقاء والخير.
فقد كانوا يعتقدون أن التقديس لله تعالى والتسبيح هو الغاية المطلقة للوجود، وقد تحققت هذه الغاية بوجودهم، والسؤال هُنا سؤال دهشة وليس اعتراض.
وقد اجتهد كل المفسرين حتى يكشفون حقيقة السؤال، وجميعهم قد وقعوا في حيرة، لكن الإجابة الأخيرة هي الأقرب إلى الصواب، ويبقى القرآن محتفظًا بغموض القصة وعُمقها.
ثُمّ ننتقل إلى المشهد الثاني، وقد جاء في سورة فُصلت: « ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) »
وهُنا يأخذنا التساؤل؛ هل من الممكن أن تتصور أنّ؛ الله تبارك وتعالى قام بمخاطبة الأرض والسماء وردت عليه، بل ووقع بينهما حوار ؟ والإجابة على هذا هي أن؛ الأسلوب الذي استخدمه القرآن الكريم كان حوارًا حتى يثبت في الذهن ويتأكد معناه.
وقد تصور العلماء أنّ الله قرر خلق آدم، وحدّث الملائكة لإعلامهم بالأمر حتى يسجدون له، وأخبرهم أن هذا الخليفة سوف يكون له أولاد ثُم أحفاد، وذريته سوف تُفسِد في الأرض ويسفكون الدماء، ولم يستمر الأمر كثيرًا، وبالفعل خلق الله سبحانه وتعالى سيدنا آدم.
∞ ننصحك أيضًا بقراءة: فوائد حسبي الله ونعم الوكيل للرزق والزواج والشفاء
ملخص قصة سيدنا آدم
جمع الله تبارك وتعالى قبضة من تراب الأرض بها الأحمر والأسود والأبيض والأصفر، ولهذا يأتي الناس مختلفين في ألوان البشرة، وقام الله تعالى بمزج التراب بالماء، فصار صلصالاً فتعفن الطين وأصبحت له رائحة.
وكان إبليس يمُر من وقت إلى وقت ويتعجب ويسأل نفسه: ما الذي سوف يصير عليه هذا الطين؟ ثُم بعد ذلك أخذ الله سبحانه وتعالى هذا الصلصال ونفخ فيه من روحه سبحانه، فتحرك الجسد ودبّت فيه الروح وخُلق آدم عليه السلام.
أول مشهد رآه سيدنا آدم كان سجود الملائكة له، واسترعى انتباهه أن جميعهم ساجدين إلا واحد ولم يكُن سيدنا آدم يعرف أنواع المخلوقات بعد، ولم يكُن إبليس يقف مع الملائكة لأنه منهم. بل إبليس من الجن والجن أقل من الملائكة.
لذلك؛ كان يجب أن يُنفذ الأوامر التي تم إصدارها من الله تبارك وتعالى، وقد حكى الله سبحانه وتعالى قصة رفض إبليس السجود لسيدنا آدم في الكثير من السور، على سبيل المثال في سورة “ص”
« قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (80) إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) »
ذهب المفسرون لهذه الآية أن؛ هذا حوار قد دار أمام سيدنا آدم عليه السلام، أدرك منه أن إبليس مخلوق جاحد لا يطيع أوامر الله سبحانه وتعالى، وأنه توعد ذريته بالإغواء، وهذا واضح من الآية الشريفة.
وأدرك أيضًا أن إبليس لن يموت مادامت البشرية موجودة، ولكن آدم عليه السلام لم يكُن قد تعلم شيئًا بعد، فكان مندهشًا من جراءة إبليس، إلا أنه قد شاهد بشكل عملي الحرية التي يعطيها الله سبحانه وتعالى لمخلوقاته.
فهناك حوار بين الله جلّ وعلى وعبدٍ كافر هو إبليس، وبعد ذلك علّم الله سبحانه وتعالى سيدنا آدم أسماء الأشياء كُلها، فأدرك أن إبليس هو رمز الشر والملائكة هم رمز الخير، أمّا عن نفسه فلم يكُن يعلم أي شيء عن نفسه بعد.
ثُم بعد ذلك سأل الله تبارك وتعالى الملائكة عن كل شيء فلم يستطيعوا المعرفة، لكن سيدنا آدم حدّثهم عن كل شيء علّمه إياه الله سبحانه وتعالى.
وهنا أدرك الملائكة أن سيدنا آدم هو المخلوق الذي اختصه الله سبحانه وتعالى بالمعرفة، وعرفوا سبب أمر الله سبحانه وتعالى لهم بالسجود له.
قصة خلق أمنا حواء
يؤكد بعض العلماء أن؛ سيدنا آدم عليه السلام كان يتحدث أحيانًا مع الملائكة، لكنهم كانوا دائمًا مشغولين بالعبادة، لهذا شعر سيدنا آدم بالوحدة، وفي يومًا من الأيام وهو نائم خلق الله سبحانه وتعالى حواء، فلمّا استيقظ وجدها بجانبه تنظر إليه.
وعندما سألها من أين جاءت أجابته بأنها جاءت منه، وعندما سألته الملائكة عن اسم هذا المخلوق الجديد أطلق عليها اسم حواء، وذلك لأنها خُلقت منه وهو إنسان حي وهو يعرف الأسماء كلها.
ثُم نقل معرفته كلها إلى حواء، التي أحبته وهو أيضًا أحبها، ثُم بعد ذلك صدر الأمر الإلهي إلى آدم أن يسكن الجنة وقد جاء ذلك في سورة البقرة: «وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)»
وفي الواقع حدث اختلاف كبير بين المفسرين على مكان الجنة المذكورة في الآية الكريمة، فمنهم مَن قال أنها جنة المأوى وتوجد في السماء، بينما نفى آخرون أن تكون هكذا، لأنها لو جنة المأوى لكانت حرام على إبليس دخولها.
بينما يرى آخرون أنها جنة خلقها الله تعالى خصّيصًا لآدم وحواء، وأخيرًا أكد البعض أنها جنة توجد في مكان مرتفع في الأرض، أما الرأي الأصح؛ فهو الذي توقف عن البحث عن مكان هذه الجنة واكتفى بما ذكر القرآن.
فالحكمة من الآيات هي أنهم كانوا في مكان عظيم، وكان مُحرّم عليهم فعل شيءٍ ما، وهذا هو الذي يهم.
سبب خروج سيدنا آدم من الجنة
عاش آدم وحواء في هذه الجنة وكانت حياتهم تتميز بالبراءة المطلقة، وكانوا سعداء بالحياة معًا، وكانت الخلائق جميعًا حولهم تُسبح بحمد الله وتعبده، وقد فهم سيدنا آدم وحواء أنهم ممنوعين من الأكل من هذه الشجرة.
لكن آدم إنسان والإنسان ينسى وعزمه يضعف وقلبه يتقلب، فكانت هذه هي فرصة إبليس، الذي استغل التكوين البشري لآدم، وراح يوسوس في نفسه يومًا بعد يوم، وهذا ما جاء في سورة “طه”
«فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ (120)» وهنا بدأ آدم يتساءل بينه وبين نفسه: ماذا سوف يحدث لو أكلت من هذه الشجرة؟ فربما تكون شجرة خُلد.
وكان سيدنا آدم يحلُم بأن يكون خالدًا في الجنة التي يعيش فيها، ونقل هذا التفكير إلى حواء، ثُم قرروا معًا أن يأكلوا منها، وبالفعل مدّ سيدنا آدم يده إلى الشجرة وقطف ثمرة منها وأعطى لحواء، وهُنا عصى آدم ربّه.
والجدير بالذكر هُنا، هو أن صحف اليهود تذكُر كذبًا أن حواء هي مَن أغوى آدم للأكل من الشجرة، في حين أن النصّ القرآني لم يذكُر حواء أبدًا، وإنما ذكر آدم لأنه المسؤول عمّا حدث.
وهكذا وبعد أن أكل آدم عليه السلام من الشجرة أحس بانقباض في صدره وألم وحزن وخجل، فقد تغيرت الجنة من حوله، فسكتت أصوات الخلائق التي كان يسمعها، واكتشف أنه عاري هو وزوجته، اكتشف أنه رجل وأنها امرأة.
فأخذ الاثنان يقطعان من أوراق الشجر لكي يغطوا جسدهم العاري، وهُنا أمر الله تبارك وتعالى آدم وزوجته أن يهبطوا من الجنة إلى الأرض، فخرجوا من الجنة وهُم يشعرون بالحزن، وكانت حواء تبكي باستمرار، وكان حزن آدم عظيم وندمه كبير.
فكانت التوبة صادقة فتقبلها الله سبحانه وتعالى، وأخبرهم أن الأرض هي مكانهما الأصلي، الذي سوف يعيشون فيه ويموتون فيه ويخرجون منها يوم القيامة «قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)» “سورة الأعراف”.
وقد يتصور بعض الناس أن؛ خطأ آدم وعصيانه لأمر ربه هو الذي أخرجه من الجنة، وهذا ليس صحيح أبدًا، فإذا نظرت في أول مرة قد ذكر فيها الله سبحانه وتعالى خلق آدم فسوف تجد أنه قال للملائكة «إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً» ولم يقُل إني جاعلٌ في الجنّة خليفة !!
فلم يكُن انتقال آدم من الجنة إلى الأرض عقاب أو إهانة وإنما كان كرامة، لأنه خُلق لكي يسكُن الأرض وليس الجنة، وقد كان الله تعالى عليمًا بأن آدم وحواء سوف يأكلون من الشجرة، لكي يهبطوا إلى الأرض، وكان الله تعالى يعلم أن البراءة سوف تُغتصب منهم بسبب الشيطان، وهذه هي صفة البشرية.
والتجربة كلها كانت لخلافة آدم في الأرض، ليُعلم الله سبحانه وتعالى آدم الدرس الأخير، وأنه يجب أن يحذر الشيطان وكذلك ذريته من بعده، وأن الطريق إلى الجنة لابد وأن يمُر ويقترن بطاعة الله سبحانه وتعالى والعداء للشيطان.
وقد يتساءل أحدكم: هل كان الإنسان منذ الخليقة مجبور؟ حيث أننا نجد أن آدم كان مقدر له أن يخطئ لكي يخرج من الجنة ويهبط إلى الأرض، لكن هذا التصور ساذج !! حيث كان لآدم الحرية، ولهذا كان على الله سبحانه وتعالى أن يحمله نتيجة فعله.
فقد عصى وأكل من الشجرة فنزل إلى الأرض، والمعصية هي الحرية التي استخدمها آدم، ومعرفة الله سبحانه وتعالى بالأشياء قبل حدوثها لأنه هو جلّ وعلى مَن قدرها؛ معرفة نور يكشف الأمر، ولكن لا يُجبر الإنسان على فعله، وإلا لم يكُن قد أخبر آدم بألا يأكل من الشجرة.
∞ اقرأ لمزيد من الفائدة: وصايا الرسول في العشرة من ذي الحجة – تعرف عليها بالتفصيل
حياة سيدنا آدم على الأرض
تقبّل الله سبحانه وتعالى توبة سيدنا آدم وحواء وعفا عنهم وأنزلهم إلى الأرض، فكان سيدنا آدم هو أول رسول بُعثَ لأبنائه، وفي الأرض أدرك سيدنا آدم عليه السلام أنه قد ودّع السلام عندما خرج من الجنة.
فكان عليه أن يواجه كل ما في الأرض من صراع وشقاء، فكان عليه أن يعمل ليأكل وأن يصنع لنفسه الملابس وكذلك الأسلحة، حتى يحمي زوجته وأطفاله.
فقد كان يواجه الوحوش والحيوانات الضارية، وكان عليه أيضًا أن يصارع روح الشر فالشيطان هو سبب خروجه من الجنة، ولم يتركه في الأرض بل ظلّ يوسوس لأولاده ويوسوس له.
وقد كانت حواء تلد في البطن الواحدة بنت وولد، لذلك كان أشقاء البطن الأولى يتزوجون أشقاء البطن الثانية، ولما كبر الأبناء وتزوجوا بالفعل امتلأت الأرض من نسل سيدنا آدم عليه السلام، الذي دعاهم إلى دين الله.
وقد قُدّر لسيدنا آدم أن يرى أول انحياز من أحد أبنائه لإبليس، فقد كانت أول جريمة قتل تحدث على الأرض عندما قتل أحد أبناء سيدنا آدم شقيقه، وهذا ما جاء في سورة المائدة:
«وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)»
يرى المفسرين أن قابيل كان يريد زوجة شقيقه، وعندما عرض الأمر على والده أمره أن يقدم قربان إلى الله “أي: يتقربوا من الله”، لكن الله تقبل القربان من أحدهم، وقد نقل لنا المفسرين الإعجاز القرآني في هذه الآيات.
حيث نجد أن القرآن لم يذكر أبدًا وتجاهل رد القاتل بينما ذكر رد القتيل، وبعد هذا الحوار قرر قابيل أن يقتل أخيه هابيل، وقد قتله بينما كان نائم وسط الأشجار، وبعد أن تفجر الدم من القتيل جلس الشقيق أمام شقيقه مُصفّر الوجه ساكنًا.
وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف في حادثة قتل قابيل لهابيل: ” لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ”
جلس الشقيق واقعًا في حيرة، ماذا سوف يخبر أبيه إذا سأله عن شقيقه؟ فقد خرجوا معًا، ولن يستطيع أن ينكر أنه قام بقتل شقيقه، لأن جثته موجودة، وفي أثناء هذا التفكير سمع قابيل صوت طائر يصرخ فأفزعته الصرخة.
فالتفت فوجد غراب يصرخ فوق جثة غراب آخر ميت، ثُم رآه يسوي الأرض بجناحه لحفر الأرض بمنقاره ورجليه، حتى صنع لَحد للغراب الميت ثُم دفنه، وبعد أن وضعه في التراب صرخ صرختين، ثُم دفنه تمامًا بالتراب وطار وهو يصرخ.
وهنا؛ وقف قابيل يصرخ ويقول: إنني عجزت أن أكون مثل هذا الغراب، فاندلع الحزن داخل قلبه وأحرقه الندم، واكتشف أنه الأضعف والأسوأ، لأنه قتل الأقوى والأفضل.
وهكذا نقصت ذرية سيدنا آدم واحدًا، وكسب الشيطان من هذه الذرية الطاهرة واحد، وعاد الابن إلى أبيه وأخبره أنه قتله، فصلى آدم على ابنه القتيل، وعاد إلى حياته يعمل ويشقى.
وفاة سيدنا آدم عليه السلام
مرّت السنوات وانتشر الأبناء في الأرض، وفي يومًا من الأيام هبط الظلام وهبّت الرياح وارتعشت أوراق الأشجار التي غرسها سيدنا آدم، كانت الشجرة حزينة وكذلك الأغصان.
وعلى فراش مصنوع من الأغصان رقد سيدنا آدم بالوجه الطيب واللحية البيضاء، وأبنائه ملتفون حوله ينتظرون الوصية، فتحدث سيدنا آدم إليهم وأخبرهم أن؛ سلاح النجاة الوحيد للإنسان هو سفينة كلمات الله وعبادته.
وطمأنهم أن الله سبحانه وتعالى لن يترك الإنسان بدون معرفته، وأنه سوف يقوم بإرسال الأنبياء والُرسل، الذين سوف يختلفون في الصفات والمعجزات والأسماء، لكنهم جميعًا مجتمعين على الدعوى إلى عبادة الله وحده.
وأغمض آدم عينيه ودخلت الملائكة وأحاطوا به وعرف من بينهم ملك الموت، فقد علمه الله سبحانه وتعالى أسماء الأشياء كلها، وابتسم وسلّم قلبه للسلام العميق.
وهكذا اكتملت قصة سيدنا آدم عليه السلام أبو البشر أجمعين، نتمنى أن تقوموا بنشرها حتى يتعرف الجميع على الأحداث الحقيقية لخلق سيدنا آدم كما جاءت بالقرآن الكريم، وتابعونا دائمًا بقسم “رياض الصالحين” حتى يصلكم منا المزيد
سلام.وبسایتتون خیلی خوب و مفیده.به کارتون ادامه بدین
اهلا بك في الموقع اتمنى ان يكون الموضوع قد نال اعجاب اعجابك