رحلة نجاح توماس ليبتون إمبراطور الشاي الأول في العالم
توماس ليبتون هذا الاسم اللامع في عالم صناعة الشاي كانت وستظل قصة حياته مثيرة لاهتمام الكثيرين فهو شخص ملهم لأجيال عديدة وقد اشتهر بحبه للعمل الجاد والمثابرة، وكذلك رحلاته البحرية ومجالات العمل المختلفة التي عمل بها، كل هذا كان بمثابة خطوات صنعت دربًا من النجاح والتميز.
فمن منا لم يسمع عن شاي ليبتون أو لن يجرب مذاقه الفاخر، الذي يعد من أجود أنواع الشاي في العالم، هذه القصة ستلهمك عزيزي القارئ بدون شك، لأنها قد فعلت هذا مع كل من قرائها، فلا تفوت تفاصيل القصة..
محتويات الموضوع
من هو توماس ليبتون
هو توماس ليبتون Thomas Lipton الطفل الأسكتلندي الأصل الذي بدأ حياته من الصفر وانطلق إلى عالم الشهرة والنجاح بإطلاقه علامة ليبتون التجارية، ثم توسع في تجارته ليصبح مؤسس سلسلة محلات شاي ليبتون التي تطورت وأصبحت سلسلة من المصانع العالمية المصدرة لأفخر أنواع الشاي في العالم.
مولد ونشأة توماس ليبتون
ولد السير توماس ليبتون في 10 مايو من عام 1848م في مدينة غلاسكو التي عاش فيها منذ عام 1853 حتى 1863، كان وضع عائلة توماس المادي متواضع للغاية، الأمر الذي دفعه إلى الدخول في مجال العمل لمساعدة والديه في الإنفاق على أسرته، فبدأ عمله في عمر الثالثة عشر كعامل في إحدى المطابع نهارًا، وفي المساء يذهب إلى المدرسة.
اقرأ أيضًا: قصة نجاح وول مارت واستراتيجية شركة wal-mart لاكتساح السوق
المجالات التي عمل بها ليبتون
عمل توماس في مجالات عديدة خلال فترة شبابه، وهي:
- في عام 1964 عمل كعامل في سفينة تتنقل بين مدينتي غلاسكو و بلفاست، فراق له هذا العمل الممتع، فقد كان مستمتعًا بقصص البحارة الذي كانوا دائمي التحدث عن مغامراتهم الشيقة في رحلاتهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، هذه القصص الشيقة دفعت توماس إلى التفكير بالذهاب إلى أمريكا للعيش بها، وبالفعل أقام بها لمدة 5 سنوات وامتهن الكثير من المهن.
- عمل كعامل في مزرعة بفرجينيا.
- محاسب في مزرعة بولاية كارولينا.
- بائع متنقل يقوم بتوصيل الطلبيات إلى الناس في ولاية أورليانز.
- مساعد في متجر لبيع المنتجات الغذائية بولاية نيويورك.
هذه المهن ساهمت في تشكيل فكر توماس العبقري، فقد كان سابقًا لعصره بأفكاره التجارية المذهلة التي كانت سببًا في ظهور علامة ليبتون المميزة وانطلاقها من المحلية إلى العالمية في بضع سنوات فقط.
كيف بدأت قصة نجاح توماس ليبتون
قصة نجاح توماس ليبتون لم تكن وليدة اللحظة، بل أنها تطلبت مثابرة واجتهاد للوصول إلى الهدف، وتستطيع عزيزي القارئ أن ترى هذا من خلال المراحل التالية:
- كان والد توماس يملك متجرًا متواضعًا يبيع فيه المواد الغذائية كالبيض والزبد، وبحلول عام 1871م وبعد سبعة عشر عام من الاجتهاد، نجح توماس في افتتاح سلسلة من المتاجر الناجحة يصل عددها إلى 300 متجرًا كانت سببًا في تحوله إلى تاجر ناجح جمع ثروة كبيرة وتمكن من إدخار المال الوفير.
- تطور اهتمام الناس بمنتج الشاي ليصبح المشروب الشعبي الأكثر شهرة بين الطبقات المتوسطة والمرفهة في أواخر القرن الـ 19، كان الشاي منتجًا باهظ الثمن يباع الرطل الواحد منه بخمسين سنت، هذا المبلغ الضخم كان يعيق الكثيرين عن التمتع بمذاق الشاي الممتع، فقد كانت أوضاع الناس الاقتصادية آنذاك متواضعة للغاية.
- توسع توماس في تجارته ليتخطى طرق البيع التقليدية ويتجه إلى توزيع منتجاته بالجملة، حتى يتمكن عامة الناس من شراء الشاي بأسعار مخفضة،
- مع ازدياد طلب التجار والمستهلكين على الشاي، فكر توماس في تخصيص المحلات التجارية التي يمتلكها وأمواله التي كسبها على مدار حياته لتجارة الشاي فقط، فقد كان يريد تخفيض سعر رطل الشاي إلى 30 سنتًا فقط، ولكن كيف ذلك؟ فهناك الكثير من النفقات المالية التي يجب أن يدفعها إلى التجار لشراء الشاي وتوزيعه على المحلات التجارية.
تعرّف أيضًا على: قصة نجاح هنري نستلة .. من عامل زجاج إلى صاحب أكبر علامة تجارية في العالم
إنشاء العلامة التجارية شاي ليبتون
هذه المرحلة في حياة توماس كانت نقطة التحول الحقيقية، والخطوة التي سوف ينطلق بعدها إلى قمة النجاح، لكنها كما سترى عزيزي القارئ تطلبت تفكير ووضع خطط:
- بعد طول تفكير ودراسة، توصل توماس إلى فكرة رائعة وهي تصنيع الشاي بنفسه، وهذا سيجعله المُتحكم الوحيد في تكلفة الشاي بدءًا من مرحلة التصنيع حتى توزيع عبوات الشاي.
- بالفعل سافر إلى سيلان “سيريلانكا حاليًا” لزراعة الشاي الخاص به، ونجح في تحقيق حلمه الكبير، فقد كانت النتيجة هي شاي ذو لون ذهبي لامع لذيذ المذاق، مختلفًا عن غيره من أنواع الشاي الأخرى الموجودة في العالم.
- في أوائل يونيو عام 1890 تمكن ليبتون من تصدير 45 مليون رطل شاي سنويًا، فقد قام بشراء 12 قطعة أرض في جزر سيلان وزرعها بالشاي الخاص به، ليصبح المهيمن الأكبر على تجارة الشاي في العالم.
كيف تم تصنيع عبوات شاي ليبتون
- لم يكتفي توماس بهذا القدر من النجاح، بل فكر في تطوير شكل تعبئة الشاي، فقد كان منافسيه يقومون بوزن الشاي أولًا ثم يقومون بتعبئته في عبوات ورقية.
- فكر توماس العبقري أوحى له بتغيير خطة تعبئة الشاي السائدة في العالم وهذا من خلال تجهيز عبوات بأحجام مختلفة، مما سمح للتجار والمستهلكين بشراء عبوات الشاي ذات الأحجام المختلفة، الأمر الذي أدى إلى تفوق توماس على منافسيه واكتساح سوق الشاي.
- زادت مبيعات ليبتون بحلول عام 1893، فقد نجح توماس في بيع مليون عبوة شاي في معرض شيكاغو العام، هذه الخطوة التي تعد نقطة تحول في مسار مصانع ليبتون لتنطلق من المحلية إلى العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية.
ثروة توماس ليبتون
حصل توماس على لقب السير من ملكة بريطانيا وأصبح من أشهر المصنعين للشاي في العالم لينتقل من الطبقة المتوسطة إلى أعلى الطبقات الراقية المرفهة.
تقدر ثروته في 1898م بنحو 120 مليون جنيه استرليني، هذه الثروة الطائلة جعلته المسيطر الوحيد على صناعة الشاي في العالم.
واليوم أصبحت علامة ليبتون التجارية واحدة من أشهر العلامات التجارية في العالم، وتبيع مصانع ليبتون عبواتها الفاخرة من أفخر أنواع الشاي ومنتجاته المختلفة لأكثر من 150 دولة في العالم.
نُرشح أيضًا: قصة نجاح ابراهيم الفقي .. رسائل نجاح مهداة لكل إنسان
أعمال توماس ليبتون الخيرية
نشأ توماس طفلًا محبًا للخير متواضعًا وبسيطًا، فقد حرص على مساعدة المتطوعين في الهيئات الطبية أثناء الحرب العالمية، مما دفع مجلة التايم الأمريكية لوضع صورته في الثالث من نوفمبر عام 1924 على الغلاف الخارجي باعتباره أحد الشخصيات العامة المؤثرة في المجتمع بأعماله الخيرية، والتي لم يفصح لأحد عنها بالكامل إلا بعد موته.
حب توماس ليبتون للرياضة
عرف السير توماس ليبتون بحبه الكبير للرياضة خاصة لعبة كرة القدم، فحرص على إقامة العديد من البطولات الكبيرة التي جرت بين أمهر منتخبات العالم في رياضة كرة القدم، فقام بتأسيس بطولتين لكرة القدم هما بطولة كأس توماس ليبتون وكوبا ليبتون:
أولاً – كأس توماس ليبتون:
أقيمت هذه البطولة مرتين في مدينة تورينو بإيطاليا في عامي 1909 و 1911، وتعد أول بطولة في تاريخ كرة القدم للأندية.
ثانيًا – كأس كوبا ليبتون:
كانت تقام بطولة كأس “كوبا ليبتون” في الأرجنتين والأوروغواي بين منتخبي الأرجنتين والأوروغواي لكرة القدم على شرف السير توماس ليبتون مخترع علامة ليبتون التجارية.
أقيمت هذه البطولة 29 مرة في الفترة ما بين 1905 و1992، تفوق خلالها منتخب الأرجنتين على منافسه الأوروغوايي بـ 18 مرة، بينما فاز منتخب الأوروغواي بلقب البطولة 11 مرة فقط.
وفاة توماس ليبتون
توفيَّ توماس ليبتون في عام 1931م، كانت جنازته مهيبة حضرها الكثيرون، هذا الرجل الذي اشتهر بحبه للحياة، كُرم بحب الناس الذين اصطفوا في الشوارع حزنًا على رحيله مودعين إياه بمشاعر الحزن والأسى.
دفن توماس حيث ولد على بعد 1.5 كيلو متر من شارع جيرلز، مودعًا العالم مخلفًا وراءه تاريخ حافل بالنجاحات التجارية التي غزت بلاد العالم أجمع.